-->
مركز الفردوس للتنمية البشرية والأداء المتميز مركز الفردوس للتنمية البشرية والأداء المتميز
الدورات الحالية

أخبار المركز

الدورات الحالية
الدورات الحالية
جاري التحميل ...
الدورات الحالية

معنى "منهجنا الصبر والتدبر"؟ - إسماعيل الشرقاوي

بسم الله الرحمن الرحيم
من سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية - إسماعيل الشرقاوي


س 19 : سأل بعض الإخوة والأخوات عن معنى كلمة : "منهجنا الصبر والتدبر"؟

ج 19 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فإن العلم أربح المكاسب وأرفع المراتب وأنصح المناقب وهو حرفة أهل الهمم من الأمم ونحلة أهل الشرف من السلف لم يتقلد سلكه إلا جيد ماجد ولم يتوشح برده إلا كل طالب فى العلوم مجاهد ولم يستحق إسمه الا الواحد الفذ يأتى فى الزمان بعد الواحد ولذا تجد أن أهل العلم من الأمم الماضية كانوا يتنافسون فى إقتنائه ويتصافنون فى عافى إنائة . وأما اليوم فحدث ولا حرج عن إضاعة العلم ودروسة وأفول أقماره وشموسة فيقبض العلم بموت العلماء كما قال سيد الانبياء (العلم للشريشي) والصبر الذي نعنيه حبس لنفس على طاعة الله ، والصبر أنواع : صبر على طاعة الله ، عن معصية الله ، على قضاء الله ، قال عمر رضي الله عنه :
بالصبر أدركنا حسن العيش ا هــ ، فالعلم لا يؤخذ بالاستعجال ، ولا ينال العلم براحة الجسم ، فالصبر هو الدرجة الأولى التي بها نرتقي لطريق الجنان ، أول كلمة قالها الخضر عليه السلام
لموسى عليه السلام " : "قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا"، أكثر طلاب العلم لا يصبرون ، فبم أجاب موسى عليه السلام ؟ انظروا إلى الأدب الرفيع ، رغم أن موسى في درجة أعلى ؛ إذ هو من أولي العزم من الرسل ، "قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا " (الكهف 69) ، هكذا ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)) (الأحقاف 35) : وهم محمد صلى الله عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم عليهم صلوات الله وسلامه كما في آيتي الأحزاب والشورى ، وسئل الإمام الشافعي رحمه الله أيبتلى المرء أولا أم يمكن له ، فقال : بل يبتلى ثم يمكن له ، نعم ، والدليل : ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا)) (البقرة 124) .
 
بالصبر وإن كان مريرا ... يصبح ورق التوت حريرا
وتصير الأشواك زهورا ... والبيض المكنون طيورا
فاصبر تجمع كل جميل ... واشكر يأت الخير وفيرا
واغزل ثوب الصبر نضيرا ... تجني جنات وحريرا (د/تاج الدين نوفل حفظه الله)
الدرجة الثانية : التدبر ، أفلا يتدبرون القرآن ، التدبر غير التفسير، التفسير معرفة المعاني ودلالات الألفاظ ، التدبر أسمى وأعظم ، التدبر إعادة النظر في الآية مرة بعد مرة لاستخلاص الفوائد والعبر : (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)) (النساء 82) .
(( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) (محمد صلى الله عليه وسلم 24) ، نقول للأسف منهج التعليم اليوم عند أكثر الشيوخ قراءة مجردة ولا فهم ولا تدبر في الآيات (مع اعتذارنا لبعضهم لكثرة مشاغلهم جزاهم الله خيرا) وليس هذا مخرج الأمة من الأزمة ، أزمة الأمة حلها مع أهل القرآن ، ولو بتدبر آية في كل جزء ، ولكن ليت شعري كيف يعلمون الناس التدبر وأكثرهم فاقدوا علوم التدبر ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، هذا هو منهجنا ، تخريج طلاب يفهمون ويتدبرون ويصبرون ويتأدبون مع كل من يخالفهم ، ربما يأخذ الطالب سنة أو أكثر في الختمة (هو ورزقه) ؛ فعِلَّةُ إنزال القرآن التدبر : ((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)) (ص 29) حتى إن آيتي التدبر (أفلا يتدبرون القرآن) في سورة النساء ومحمد صلى الله عليه وسلم لمشحونتان بكثير من العلوم في علم الوقف ، في علم العقيدة ، في علم المنطق في علم اللغة ، في علم النحو والصرف .........إلخ.

كل الكتب تحتوي صُحُفًا ، وأما القرآن وحده فهو صُحُفٌ تحتوي كتبًا ، كتبا في اللغة ، في العقيدة ، في الفقه ، في العبادة ، في المعاملة ، في القصص ، في الأخلاق ، في السِّيَر ، في العبر ، لأنه كلام رب العالمين ، قال الله سبحانه : ((رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً . فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ)) (البينة 2 ، 3)
((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)) (الأنعام 38) .
 
الدرجة الثالثة اليقين ، وبالصبر واليقين تُنَالُ الإِمَامَةُ في الدين ،
وقد وردت كلمة (أئمة) في القرآن الكريم في خمسة مواضع

موضعان في أئمة الضلالة (التوبة وثان القصص)
موضعان في أئمة الهداية (الأنبياء وأول القصص)

أما معالم الطريق لأئمة الهداية ففي آية السجدة ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)) ،
(لَمَّا) = حرف وجود لوجود (على قول سيبويه) ، أو ظرفية حينية (على قول الفارسي) شرطية
أي لما صبروا وأيقنوا بآيات الله جعلنا منهم أئمة .
وقرأ حمزة والكسائي ورويس لِمَا بكسر اللام فهي لام تعليل ، أي جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لأنهم صبروا وأيقنوا بآيات الله.

هذا منهجنا وطريقنا الذي نسأل الله أن يثبتنا عليه حتى نلقاه ، ولعل ابن مسعود فقُه الحكمة فقال : "الصبر نصف الإيمان ، واليقين الإيمان كله" أي أن الصبر نصف واليقين النصف الباقي كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم ، «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» . رواه مسلم . أي أن صلاة العشاء في جماعة تعدل قيام نصف الليل ، وأن صلاة الفجر تعدل النصف الباقي ، والله أعلم ، وبالله التوفيق .
 

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

المتابعون

مواقع صديقة

احصاءات المدونة